news-details

"بدّي طبيب يداويني.." - جهاز الصحة في اسرائيل بحالة تدهور

*ولماذا نحن بحاجة للجنة تقصي حقائق مدنية وميدانية لفحص جهاز الصحة؟*ولماذا لا يمكن أن تشكل الخصخصة (الحاصلة فعلاً!) حلاً أبدًا؟*

أعلنت مجموعة من الشخصيات رفيعة المستوى، الشهر الماضي، عن تشكيل لجنة تحقيق مدنية لفحص وضع جهاز الصحة، في محاولة للخروج بحلول لإنقاذ جهاز الصحة العام المترهل، وفحص اذا ما كانت الحلول التي تعرضها وزارة الصحة مناسبة للتطبيق. وتسعى اللجنة الى وضع النقاط على الحروف، آملة أن يأخذها الساسة على محمل الجد كما يفعلون بالنسبة لتوصيات مراقب الدولة، ويباشروا بتطبيق توصياتهم، التي يشكل مطلب زيادة خمسة مليارات شاقل للميزانية الأساسية لوزارة الصحة لعام 2020، أحد مطالبها المركزية، إضافة إلى رفع ملاكات العمل للأطباء والممرضات، مطالبين الحكومة بوضعها في صلب سياستها المستقبلية.

هل بالفعل يوجد أزمة في جهاز الصحة؟ وهل هو بالفعل في حالة انهيار؟

لا يخفى على أحد أن الجواب هو "نعم" قاطعة. فساعات الانتظار لتلقي علاج في غرف الطوارئ بشتى المستشفيات في البلاد، والاكتظاظ في بعض الأقسام العلاجية بالمستشفيات، إضافة الى نسبة الإشغال المرتفعة للأسرّة والتي تفوق الـ90% في أي يوم من أيام السنة، فكم بالحري في فصل الشتاء الذي تكثر فيه الأمراض الموسمية.

"عدا عن وجود أزمة بنيوية عامة، وهي حالة صحيحة في معظم دول العالم (يشمل اسرائيل)، تُضاف للأزمة في البلاد مشاكل عضوية إدارية فريدة لها. بحيث يتميّز جهاز الصحة ضمن العلاقة القائمة باتفاقيات الدفع بين صناديق المرضى والمستشفيات ودور وزارة الصحة المعقد كمنظم لبعض المستشفيات"، هذا ما تقوله ليؤور نعماتي شنايدر المختصة في ادارة وتسويق أنظمة الصحة من الكلية الأكاديمية هداسا في القدس.

تسعى اللجنة التي أعلن عن تشكيلها الشهر الماضي لمعاينة سياسة وزارة المالية والظروف التي أدت الى انهيار التأمين الصحيّ العام. كما ستُجري اللجنة جلسة استماع عامة واسعة النطاق وستستدعي مواطنين ليقدموا إفاداتهم حول تضررهم من انهيار جهاز الصحة، إضافة الى أطباء وممرضات وطواقم طبية. كما ستعاين اللجنة مسار التخطيط الاستراتيجي والاقتصادي الذي تنظمه وزارة الصحة ومسار الانعاش المقترح، الى جانب مسارات أخرى، على أن تقدم توصياتها بأسرع ما يمكن لأجل المباشرة بتطبيقها على أرض الواقع، علّها تؤتي بالفائدة وتقود لإعادة تأهيل جهاز الصحة العام.

بات معروفًا أن هناك نقصا حادا بالأطباء في اسرائيل، بحيث تصل نسبة الأطباء لكل ألف نسبة في اسرائيل 3,1، في حين أن المعدل 3,3، والنمسا 5,1، والنرويج 4,5، وسويسرا والسويد 4,3. بالنسبة لعدد الممرضات لكل ألف نسمة فيصل المعدل حسب تقرير لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية الدولية في اسرائيل الى 5 ممرضات لكل ألف نسمة، بينما المعدل 5,3، وفي النمسا 8,1، والنرويج 17,5، والسويد 11,1، وسويسرا 17.

 

وبحسب. د. دافنا أفنيئيلي القاضية المتقاعدة من المحكمة المركزية في تل أبيب والتي تترأس اللجنة "كلنا سمعنا أصوات المرضى تزعق من داخل أروقة المستشفيات، وشكاوي الأطباء والممرضات الذين ينهارون تحت طائلة ضغط العمل، وترجي المرضى للحصول على أدوية غير مشمولة في سلة الصحة، والمطالب بزيادة عدد الأسرّة. يجب ألا نغض الطرف عن هذه الدعوات".

وبين أعضاء اللجنة الأستاذ (بروفيسور) عاموس شابيرا – عميد كلية الحقوق في جامعة تل أبيب سابقًا، الأستاذ مردخاي شاني – مدير عام وزارة الصحة ومدير المركز الطبي شيبا سابقًا، د. زئيف بالدمان – مدير وحدة جراحة الأعصاب للطفل في مستشفى شيبا ورئيس منظمة الأطباء في البلاد، الى جانب الاقتصادي الأستاذ جابي بن نون من جامعة بن غوريون والذي شغل منصب نائب مدير عام وزارة الصحة سابقًا، د. نيلي كراكو – ايال من كلية الادارة، ايلانا كوهين – رئيسة هستدروت الممرضات، بنينا روزنسفايغ – عضو ادارة في جمعية حقوق المريض، وتشارك في رئاسة اللجنة د. ميخال لفيطا – قاضية متقاعدة، بينما سيشغل المحامي عادي نيف يجودا – المختص القانوني بالسياسات الصحية كمدعي خاص في اللجنة.

* 6 آلاف مريض يموتون سنويًا بسبب الاكتظاظ

تشير الاحصائيات الى أن ستة آلاف شخص يموتون سنويًا بسبب الاكتظاظ في أروقة المستشفيات، وبسبب الالتهابات التي يصابون بها في المستشفيات، أي 500 شخص شهريًا بحسب معطيات نقابة الأطباء العامة.

ومع خصخصة خدمات الصحة العامة يتضح أنه اذا كانت نسبة مصروفات العائلة الاسرائيلية تشكل 3,9% عام 1997 فهي تشكل في العام 2014 نحو 5,9%، أي بارتفاع 2%. فيما ارتفعت نسبة المصروفات الخاصة على الصحة من 2,247 شاقلًا الى 3,634 شاقلًا للعائلة عام 2014، ما يشير الى الخصخصة التي أدت الى ارتفاع بنسبة 2,6% للطبابة الخاصة، بينما ما تستثمره الدولة في صحة الفرد فقد ارتفعت بنسبة 1,5% فقط من 4,819 شاقلًا الى 6,377 شاقلًا عام 2014. هذه المعطيات إن دلت على شيء، انما تدل على أن الخصخصة تؤثر أيضًا على نوعية العلاج الذي يحصل عليه المرضى في البلاد.

رئيس حكومة اليمين بنيامين نتنياهو لم يخف يومًا أنه يؤمن بمبدأ الخصخصة، ومنذ تبوأ رئاسة الحكومة، تحالف مع (الحريديم)، الذين طالبوا بالحصول على حقيبة الصحة، ومنذ بلغ يعكوف ليتسمان منصب نائب وزير الصحة بمقام وزير، يواجه في ظل هذه الحكومة صعوبة في تخصيص الميزانيات لقطاع الصحة في البلاد. بل إنه يعتبر أن الحل للاكتظاظ في أروقة المستشفيات هو بالخصخصة، ويرى الخبراء من وزارة الصحة بأن الحل هو بعلاج المرضى في منازلهم، وليس توسيع المستشفيات القائمة أو زيادة الموارد المخصصة للعلاج.

الخصخصة التي تشهدها دولة اسرائيل في قطاع الصحة غير مسبوقة، وبحسب معطيات منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية الدولية (OECD) فإن معدل النفقة العامة على الصحة كجزء من الناتج القومي للفرد في البلاد تبلغ 7,3%، في حين ان معدل الدول العضو في المنظمة يبلغ 8,9%، وبينما يصل الانفاق في النرويد وكندا الى 10,5%، وهولندا والنمسا 10,4%، وسويسرا 12,2%. أما الإنفاق العام للصحة كجزء من النفقة العامة للدولة فيصل في إسرائيل الى 62,5 %، أدنى من معدل دول الـOECD الذي يصل 73,6%، في حين تتقدم النرويج 85,1% القائمة، تليها ألمانيا 84,6% واليابان 84,3%.

 

* نقص بالأطباء والطواقم الطبية المؤهلة

بات معروفًا أن هناك نقصا حادا بالأطباء في اسرائيل، بحيث تصل نسبة الأطباء لكل ألف نسبة في اسرائيل 3,1، في حين أن المعدل 3,3، والنمسا 5,1، والنرويج 4,5، وسويسرا والسويد 4,3. بالنسبة لعدد الممرضات لكل ألف نسمة فيصل المعدل حسب تقرير لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية الدولية في اسرائيل الى 5 ممرضات لكل ألف نسمة، بينما المعدل 5,3، وفي النمسا 8,1، والنرويج 17,5، والسويد 11,1، وسويسرا 17.

معدل الأسرّة في المستشفيات في اسرائيل للفرد تصل إلى 3 في اسرائيل مقابل 4,7 في المعدل، في حين أن ها تصل في اليابان الى 15,1، ألمانيا 8,1، النمسا 7,4، التشيك 6,9، هنغاريا 7، وفرنسا 6,1. ومعدّل اشغال الأسرّة في اسرائيل يصل الى 93,8%، مقارنة مع 75,5% بالمعدل في هذه الدول.

في اسرائيل يتضح أن جهاز التنظير المغناطيسي (MRI) يستخدم بوتيرة وبدرجات أعلى بكثير من أماكن أخرى في العالم، اذا أنه يوجد فقط 4,9 أجهزة لمليون نسمة، بينما المعدل في دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية يصل الى 15,1 جهازًا لمليون نسمة.

 

* انهيار مستمر

وتشير إيلانا كوهين – رئيسة نقابة الممرضات الى أن جهاز الصحة واقع في دين عميق وفي انهيار مستمر، "المرضى ينتظروت ساعات طوال في قسم الطوارئ قبل نقلهم الى الأقسام شتى. قريبًا سيتم وضع المرضى في طوابق كما هو الحال في المقابر، نزعوا عن المرضى الكرامة والاحترام". فيما أكد رئيس الجمعية لحقوق المريض – شموليك بن يعقوف الى أنه "بينما يأتون من كل أنحاء العالم ليتعلموا منا، نتساءل كيف وصلنا الى هذه الحالة الصعبة؟ الجواب هو بأنها سياسة موّجهة". معتبرًا أن وزارة المالية قلّصت الميزانيات القطرية للصحة، ما أدى الى نقص بتمويل 20 مليارد شاقل، ما يدفع المرضى المقتدرين لدفع هذه التكاليف على حسابهم الخاص، والمستضعفون؟ يشير يجودا الى أنه "حوّلنا الجهاز الى معطاءين وشحاذين. هذا واقع يصعب تقبله".

الخصخصة هي السياسة التي تتبعها هذه الحكومة، والمعطيات تشير الى أن هذا القطاع يعاني بسبب نقص الموارد. والحل؟ هناك مثل عربي يقول إن "المكتوب يُقرأ من عنوانه"، ومما لا شك فيه أن الحل لتدهور جهاز الصحة هو ضخ ميزانيات وخطة حكومية للنهوض بهذا الجهاز. الخصخصة ليست الحل، فتوجيه المرضى للعلاج في منازلهم أو أن انهاك الأطباء الذين يعمل بعضهم ورديات من 27 ساعة متواصلة، بسبب النقص في الطواقم الطبية التخصصية، ليس حلًا مناسبًا، بل لا بد أن يكون بوضع خطة شمولية عامة للاشفاء. إذ أنه يبدو أن جهاز الصحة المسؤول عن علاج وطبابة الأمراض والاعياء لدى المواطنين، بحاجة لطبيب يعالجه!

أين العرب؟

سؤال لا بد من طرحه هو أين نحن المواطنين العرب من هذه اللجنة؟ أين نحن من التأثير في مجال الصحة بالبلاد؟

فإن ذهبت على سبيل المثال الى أي مستشفى في البلاد تجد أن نسبة كبيرة من المرضى من المواطنين العرب، وبينما نسبة المساواة في توظيف الأطباء العرب والطواقم الطبية من العرب في المستشفيات وجهاز الصحة أعلى من غيرها في القطاعات الأخرى من السلك العام، لا تزال الهوة بالمساواة كبيرة.

يتبين من المعطيات أن أقل من 10% من الأطباء في اسرائيل هم أطباء عرب، ويبلغ عددهم نحو 2,281 طبيبًا يشكليون 9,6% من مجمل الأطباء في اسرائيل. وأكثر من نصف الأطباء العرب يعملون في المجتمع، بما معناه أنهم متخصصين بالطب العام ولا يعملون في عيادات متخصصة ومستشفيات كأخصائيين. بينما تبلغ نسبة الأطباء العرب الأخصائيين 5,4% من مجمل الأطباء الأخصائيين في البلاد.

كما يتضح من المعطيات أن نسبة الأطباء العرب الذين يعملون في المستوى الاداري (الادارة العامة) ضئيلة جدًا وبالكاد تصل الى 0,3%. رغم أنه لا يوجد نقص بالأطباء المؤهلين لشغل وظائف رفيعة المستوى.

بغض النظر عن كل ما سبق لا يزال دورنا منقوصًا، ولا شك أن الخلاصات والنتائج التي ستتوصل لها هذه اللجنة ستكون ذات تأثير علينا كجماهير عربية.

 

 

 

* صورة لغرض التوضيح فقط - من مكتب الناطق بلسان مستشفى رمبام؛ تصوير: بيوتر فيلتر وعيران يرديني
أخبار ذات صلة

إضافة تعقيب